قال الدكتور عمرو عبد الرحيم، أستاذ أمراض الذكورة والعقم بكلية طب قصر العيني، واستشاري طب وجراحة الذكورة في لندن، إن من أكثر الأسئلة التي ترد إليه من المرضى تتعلق بحالة عدم وجود الخلايا الأم داخل الخصية، أو ما يُعرف طبيًا باسم Sertoli Cell Only Syndrome، وهي من الحالات التي تسبب انعدام الحيوانات المنوية في السائل المنوي.
وأضاف أن هذه الحالة تُشخَّص عندما يقوم الطبيب بإجراء استكشاف للخصية باستخدام الميكروسكوب الجراحي، ولا يجد أي خلايا منتجة للحيوانات المنوية داخل أنسجة الخصية، وهو ما يُعرف بين الأطباء باسم عدم وجود الخلايا الأم.
وأوضح د. عمرو أن معنى هذا التشخيص أن الخلايا المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية غير موجودة داخل الخصية، مشيرًا إلى أن هذا الوضع قد يكون ناتجًا عن سبب خلقي منذ الولادة، أو قد يحدث لاحقًا نتيجة التعرض للعلاج الكيماوي أو الإشعاعي أو أي مؤثر يؤدي إلى تلف تلك الخلايا أو موتها داخل الخصية.
التشخيص لا يُمثل الخصية بالكامل
وأكد الدكتور عمرو عبد الرحيم أن أهم ما يجب على المريض معرفته هو أن تشخيص عدم وجود الخلايا الأم لا يعبر بالضرورة عن حالة الخصيتين بالكامل، بل يعبر فقط عن الجزء الذي تم أخذ العينة منه.
وقال موضحًا: “إذا كان الطبيب قد أجرى عملية أخذ عينة من الخصية فقط دون استخدام الميكروسكوب الجراحي، فالتشخيص في هذه الحالة قد لا يكون دقيقًا، لأن الجزء الذي تم أخذ العينة منه قد لا يحتوي على الخلايا المنتجة، بينما قد توجد مناطق أخرى داخل الخصية تحتوي عليها.”
وأضاف أن الاكتفاء بعينة عشوائية من الخصية لا يُعد كافيًا لتحديد وجود أو غياب الخلايا الأم، مشددًا على أهمية استكشاف الخصيتين بالكامل بالميكروسكوب الجراحي للوصول إلى تشخيص دقيق ونهائي.
متى يكون التشخيص مؤكدًا؟
وأوضح أستاذ أمراض الذكورة أن التشخيص لا يكون مؤكدًا إلا في حالة إجراء استكشاف ميكروسكوبي شامل للخصية وعدم العثور على أي خلايا أو حيوانات منوية في أي منطقة منها، مشيرًا إلى أن الاعتماد على عينة واحدة فقط قد يؤدي إلى نتائج مضللة.
وتابع: “في بعض الحالات التي يقال فيها للمريض إنه لا توجد خلايا أم، نكتشف لاحقًا عند الفحص المجهري الدقيق وجود مناطق صغيرة داخل الخصية بها بعض الخلايا المنتجة للحيوانات المنوية، ما يفتح باب الأمل أمام المريض لإمكانية استخراج حيوانات منوية واستخدامها في الحقن المجهري.”
هل يعني ذلك استحالة الإنجاب؟
وأشار د. عمرو عبد الرحيم إلى أن عدم وجود الخلايا الأم لا يعني بالضرورة استحالة الإنجاب تمامًا، موضحًا أن التأكد النهائي يتطلب فحصًا دقيقًا وشاملًا.
وفي حالة ثبوت غياب الخلايا في جميع أجزاء الخصية، فإن إمكانية الإنجاب الطبيعي تكون معدومة، ولكن الأبحاث الحديثة تسعى إلى إيجاد حلول عبر تحفيز أو زرع الخلايا الجذعية داخل الخصية في المستقبل.
وقال أيضًا إن الطب لا يتوقف عند حد، وهناك دراسات متقدمة تُجرى حاليًا في بعض المراكز البحثية العالمية لإيجاد حلول مستقبلية لهذه المشكلة، ما يعني أن الأمل لا يزال قائمًا.
نصيحة للمرضى
وأكد الدكتور عمرو عبد الرحيم في ختام حديثه أهمية عدم التسرع في الحكم على الحالة أو فقدان الأمل قبل التأكد من التشخيص النهائي من خلال الفحص المجهري الدقيق.
كما نصح المرضى الذين تم تشخيصهم مسبقًا بعدم وجود الخلايا الأم بإعادة التقييم لدى استشاري متخصص في أمراض الذكورة والعقم لضمان دقة النتيجة.
وأضاف: “التشخيص السليم هو البداية الصحيحة لأي علاج ناجح، ووجود خبرة الطبيب واستخدام الميكروسكوب الجراحي في استكشاف الخصية يغيّر كثيرًا من النتيجة.”
أكد الدكتور عمرو عبد الرحيم أن حالة “عدم وجود الخلايا الأم داخل الخصية” تتطلب دقة بالغة في التشخيص، ولا يجب الاعتماد على نتيجة عينة واحدة أو تحليل معمل فقط، مشددًا على ضرورة الفحص المجهري الجراحي الكامل قبل الحكم النهائي.
واختتم حديثه قائلاً: “رغم صعوبة الحالة في بعض الأحيان، إلا أن الأمل لا ينتهي، والبحث العلمي مستمر في تطوير حلول جديدة قد تمنح هؤلاء المرضى فرصة للإنجاب في المستقبل.”
مناقشة حول هذا المقال