يُعد ارتفاع الكوليسترول (خصوصًا الكوليسترول الضار LDL) وارتفاع الدهون الثلاثية (Triglycerides) من أخطر العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وإذا لم تتم السيطرة عليها، يمكن أن تؤدي إلى تصلب الشرايين والنوبات القلبية والسكتات الدماغية. لذلك فإن علاج الكوليسترول والدهون الثلاثية لا يهدف فقط إلى تحسين نتائج التحاليل، بل إلى حماية القلب والشرايين وتحسين الصحة العامة.
ما سبب ارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية؟
يحدث ارتفاع الكوليسترول عندما يزيد إنتاجه في الكبد أو يزداد تناوله من مصادر غذائية غنية بالدهون المشبعة. أما الدهون الثلاثية فهي صورة من صور تخزين الطاقة الزائدة في الجسم، وترتفع غالبًا عند تناول كميات كبيرة من السكريات أو السعرات الحرارية الزائدة أو الكحول. كما أن السمنة، قلة النشاط البدني، والاضطرابات الهرمونية مثل مقاومة الإنسولين أو مرض السكري من الأسباب الشائعة لارتفاعهما.
اقرأ المزيد: أعراض ارتفاع الكوليسترول للنساء والرجال.. إليك طرق العلاج
تعديل نمط الحياة: حجر الأساس في العلاج
يبدأ علاج الكوليسترول والدهون الثلاثية من خلال تغييرات جذرية في نمط الحياة. هذه الخطوة وحدها يمكن أن تخفض المستويات بشكل ملحوظ وتحمي من أمراض القلب.
تناول غذاء صحي ومتوازن: اختر الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات والأفوكادو، وتجنب الدهون المشبعة والمهدرجة الموجودة في المقليات والسمن الصناعي والوجبات السريعة.
قلل السكريات البسيطة: تناول كميات أقل من الحلويات والمشروبات الغازية والعصائر المحلاة لأنها ترفع الدهون الثلاثية بسرعة.
أضف أطعمة غنية بالألياف: الشوفان والبقوليات والفواكه والخضروات تساعد على خفض الكوليسترول الضار.
أكثر من تناول الأسماك الغنية بأحماض أوميغا-3 مثل السلمون والسردين والماكريل، فهي تقلل الدهون الثلاثية وتحسن صحة القلب.
قلل أو امتنع عن الكحول لأنه يرفع الدهون الثلاثية بدرجة كبيرة، خصوصًا عند من لديهم استعداد وراثي.
النشاط البدني المنتظم
الرياضة عامل حاسم في خفض الكوليسترول والدهون الثلاثية. ينصح بممارسة التمارين الهوائية مثل المشي السريع أو السباحة أو ركوب الدراجة لمدة لا تقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا. كما يمكن إضافة تمارين المقاومة أو رفع الأثقال مرتين أسبوعيًا لزيادة حرق الدهون وتحسين حساسية الجسم للإنسولين. النشاط المنتظم لا يخفض الدهون الثلاثية فقط بل يرفع الكوليسترول الجيد (HDL) الذي يحمي الشرايين.
فقدان الوزن والتحكم في السعرات
إذا كنت تعاني من زيادة الوزن، فإن فقدان حتى 5 إلى 10% من وزن الجسم يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في مستويات الدهون. المفتاح هو اتباع نظام غذائي متوازن ومستمر بدلاً من الأنظمة القاسية السريعة التي قد تسبب اضطرابًا في التمثيل الغذائي.
الإقلاع عن التدخين وتقليل التوتر
التدخين يضر الأوعية الدموية ويخفض الكوليسترول الجيد، مما يسرّع تراكم الترسبات في الشرايين. كما أن التوتر المزمن يرفع هرمونات مثل الكورتيزول، التي تسهم في زيادة الدهون الثلاثية. الاهتمام بالصحة النفسية وممارسة التأمل أو اليوغا والنوم الكافي يساعد في الحفاظ على توازن الدهون في الدم.
العلاج الدوائي عند الحاجة
في بعض الحالات، لا تكون التغييرات الحياتية وحدها كافية، ويكون من الضروري استخدام الأدوية بعد تقييم الطبيب المختص.
الستاتينات (Statins): تعتبر الخيار الأول لعلاج ارتفاع الكوليسترول، إذ تقلل إنتاج الكوليسترول في الكبد وتخفض LDL بشكل كبير. كما تساهم في خفض الدهون الثلاثية بدرجة معتدلة. أشهر الأدوية في هذه الفئة: أتورفاستاتين (Lipitor) وسيمفاستاتين (Zocor). يجب مراقبة وظائف الكبد والعضلات أثناء استخدامها.
الفيبرات (Fibrates): فعالة جدًا في خفض الدهون الثلاثية وزيادة الكوليسترول الجيد (HDL). تُستخدم عادة عندما تكون الدهون الثلاثية مرتفعة جدًا. أمثلة عليها: فينوفايبرات وجمفيبروزيل.
النياسين (Niacin): وهو فيتامين B3، يمكنه خفض الدهون الثلاثية وزيادة HDL، لكن استخدامه محدود بسبب آثاره الجانبية مثل الاحمرار واضطرابات الجهاز الهضمي.
أحماض أوميغا-3 الدوائية: تحتوي على جرعات مركزة من EPA أو DHA وتُستخدم بوصفة طبية لخفض الدهون الثلاثية. تختلف عن المكملات الغذائية العادية لأنها أكثر فاعلية ونقاءً.
إيزيتيميب (Ezetimibe): يقلل امتصاص الكوليسترول من الأمعاء ويمكن استخدامه مع الستاتينات لتحقيق نتائج أفضل.
مثبطات PCSK9: وهي أدوية حديثة تُستخدم في الحالات الصعبة التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى، وتُعطى عن طريق الحقن وتقلل LDL بشكل كبير.
اقرأ أيضًا: تخفيض الكوليسترول في 30 يومًا – أطعمة وأدوية مهمة
متابعة الطبيب والتقييم المنتظم
ينبغي المتابعة الدورية مع الطبيب لقياس نسب الدهون ومراقبة التأثير العلاجي. قد يحتاج الطبيب لتعديل الجرعات أو الجمع بين أكثر من دواء لتحقيق النتيجة المطلوبة. كما يجب الالتزام بالدواء وعدم التوقف عنه من تلقاء النفس لأن الكوليسترول عادة يرتفع مجددًا بعد إيقاف العلاج.
نصائح إضافية لتحسين النتائج
فحص الدهون في الدم كل 3 إلى 6 أشهر.
الحفاظ على نظام غذائي ثابت ومستمر.
شرب كميات كافية من الماء يوميًا.
تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والدهنية.
الاعتماد على البروتينات النباتية مثل الفول والعدس كبدائل صحية.
أفضل علاج للكوليسترول والدهون الثلاثية هو الدمج بين أسلوب حياة صحي وأدوية يحددها الطبيب حسب الحالة. فالتغذية المتوازنة، النشاط البدني المنتظم، الإقلاع عن التدخين، وضبط الوزن تمثل الركائز الأساسية لأي خطة علاجية ناجحة. أما الأدوية مثل الستاتينات والفيبرات وأحماض أوميغا-3 فتُعد داعمة ومكملة لهذا الأساس. بالالتزام والمثابرة يمكن الوصول إلى مستويات مثالية من الدهون وتحقيق حماية فعالة للقلب والشرايين.
مناقشة حول هذا المقال